الذكريات.... لا تشيب...
قد ينطفئ العُمر...
ولكن وهج حب صادق لا ينطفئ ابداً...
ولا تندثر شعلته تحت رماد الايام...
************
مشهد (1) :
امرأة عجوز تسير بحاذية الطريق مسكة بيدها مظلة تأويها من الامطار...
ولكن أمطار الحنين الى ماضٍ فى رأسها....أكثر غزارة :
ان حبك لى هو خمر الحياة اللا مُحرم...
وحبى لك هو وتدٌ...
تستند عليه قِبلة يومك...
كيف لم تدرك حبى لك وانا التى تركتك تركض بحرية فى وديان غاباتى البعيدة التى أحيا بها وحيدة بإرادتى...
كيف لم تدرك حبى لك وأنا التى سمحت لك ان تدلف الى كهفى المُقدس..
ذاك الذى لم تدنسه أقدام بشر يوماً...
لتشاركنى تلاوة صلاتى كلما أتعبتنى الحياة...
وتشاركنى أنين الموسيقى فى صمتٍ صاخب..
كنت تركُض بكل حرية...
تصهل بكل عنفوان...
ترفض ان يُلجمك اى شئ..
حتى حب !
وأنا ارقبك من أعلى تلة ..
وأنا ارقبك من أعلى تلة ..
وأقصى ما خلقت لدى من احلام
الا تركض بعيدا..
الا تركض بعيدا..
فتفارق حدود جسدى..
كيف لم تلحظ آلاف الوجوه المُطعمة "بنعم"
التى أطلت عليك خلف وجه "لا" المُتجهم !
أشعلت فى قلبى النار ... ورحلت
وقمت انا الملم أشلاء روحى من الرماد..
واتقمص ذاتك..
لأعيش بك الى الابد !
تعاملنا معاً بالقليل من الحب..
والقليل من الذكاء...
تعاملنا بالكثير من الكبر والكبرياء..
فكان الفراق .. عقاب الزمان لكلينا...
لم نحترم يوماً آداب الحب..
ليحترمنا !
************
مشهد (2) :
تلتفت العجوز يميناً استعداداً لعبور الطريق...
فيسقط نظرها على الوان اشارة المرور...
تقفز من ذاكرتها ذكرى "عُرس" مُضاء بألوان...
وتتحدث الذاكرة :
فى كل مرة أرى فيها هذة الأضواء..
أسافر الى ما ورائها...
لأراقص طيفك على نغمات سؤال :
اتفتقدنى مثلما افتقدك ؟
اين كنت ايها الاحمق...
اتركت مكانك فى قلبى لتلحق بآخر توهمته شاغراً على سُحبٍ من وهم!
خلعت عنك ثيابك ..
وتلفعت بستائر مهدلة على نوافذ بالية..
ملفوفة بالعتق والتراب ..
وانت امام خياران :
اما ان تمزقها وينفجر جسدك دماً...
واما أن تُخفيها بغيرها جديدة
لتظل القديمة معك...
اينما سافرت..
مالك وذاك ؟!
*************
مشهد (3) :
تسير العجوز وهى تنظر الى الارض غارقة فى افكارها واذا بها تكاد تصطدم بأحدهم
ترفع وجها فزعاً وخجلاً وهى تتمتم بكلمات اعتذار...
ترفع وجها فزعاً وخجلاً وهى تتمتم بكلمات اعتذار...
فتتوجم...
وتتذكر ذاك اليوم الذى قابلته فيه بعد فراق...
ومادار بينهما :
هو : كيف حالك بعدى ؟
هى : مازالت تغدقنى الحياة بالعطايا.
هو : لم تسطع شمسى يوماً بعدك... ظللت انتظرك كثيرا فى الظلام.
اعلم تماماً انك لم تعيشى هذا فأنتى كنتى دوماً مطلع شمسك لا الشمس هى ما تطلع لك..
ثم أكمل مداعبا : بالمناسبة.... الا زلتى تخافى الظلام ؟
هى : لا , لم أعد اخشاه
ولم أعد أخشى شيئا آخر..
هو : كبرت تلك الطفلة داخلك اذن..
ولم أعد أخشى شيئا آخر..
هو : كبرت تلك الطفلة داخلك اذن..
هى : ليس تماما .. فقط أدركت ان
هناك فى الواقع ما توهمته يُخيف أكثر...
واعتدت عليه..
هو : مثل ماذا ؟
هى : مثل فراقك !
************
مشهد (4) :
توقف المطر...وتوقف معه تدفق الذاكرة...
مر بجانب العجوز رجلان يتجاذبان اطراف الحديث...
يقول احدهما لصديقه" لو كان أمامك الآن... ماذا ستقول له ؟"
ابتسمت المرأة.... وكأنها اشارة القدر لها...
فتُجيب افكارها.... سأقول له :
الآن وقد افترقنا..
أستطيع أن احبك أكثر...
لأنه صار بوسعى أن أراك بوضوح...
كنت درباً رائعاً..
ولكن